بعد الصلاة انطلقنا إلى الزيارات المزمعة؛ بادئين بالسيد الذهبي ابن عبد المالك، في القسم القديم -نسبيا- من المدينة، وفي منزله حدثنا عما يعلمه عن قبر سيد أحمد بو احجار وعن شرف نسبه، ثم انتقلنا إلى منزل الإمام السابق المصطفى بن الكتاب وهو رجل مسن لكنه يتمتع بكامل قواه العقلية، ويحمل نظرة ثاقبة إلى الكون والحياة والإنسان (فيما بدا لي) وقد عاش فترة من حياته بالمغرب.
وفيما يميل المسنون -عادة- إلى إلقاء الكلام على عواهنه كان المصطفى يتحدث قليلا ويفكر طويلا قبل أن يتكلم. وهو لا يشك في أن قبر سيد أحمد بو احجار هو الموجود بين المدينة وبين المقبرة عند ممر السيارات ومجرى أنبوب الماء، ويتذكر أن الكبار كانوا يمرون بالصغار عليه في أوقات الزيارة؛ كما لا يشك في شرفه.(1) وبعده كانت طريقنا إلى السيد سيدي محمد بن عابدين سيدي، محافظ التراث هناك، وهو شاب متوقد –رغم الشيبة التي تعتلي ناصيته بغير حق- يذوب في التاريخ والآثار، ويبدو أنه تشرب مدينته وحمل همها، واستبطن ماضيها في حناياه، وهو عضو مؤسس في عدة اتحادات للمتاحف والآثار، ويدير دارا للثقافة هناك، بمساعدة بعض الشباب.
_________________________
1- لقيته ثانيا في زيارة أخرى سنة 2003م وتوفي بعدها بشهور. رحمه الله رحمة واسعة.