هنا يهبط الليل بسرعة (وكذلك يطلع النهار باكرا) فبعد مدة يسيرة من المحادثة مع الإمام –دارت خلالها كؤوس الشاي- حان موعد صلاة المغرب، فذهبنا سويا إلى المسجد، وقد لاحظت أنه لا يختلف –من حيث التقسيم- عن مسجد أطار إلا بكون المحراب والمئذنة في القسم الغربي منه، وقد شيد القسم الشرقي متأخرا نسبيا ليقي المصلين برد الشتاء، وفي الركن الشمالي الشرقي من قسمه الغربي تنتصب المنارة المشهورة على ارتفاع 26 مترا تقريبا، ويصعد إلى أعلاها عبر سلم حجري داخلها.
وهنا يتجنب السكان دخول المسجد قبل أذان المغرب، تحرجا من أداء تحية المسجد التي يكرهها الفقهاء في هذا الوقت؛ وتحرجا من تركها الذي يكرهه المحدثون في كل وقت أيضا (سوى وقت المنع طبعا).
وهو أمر يدل بوضوح على بصمات مدرسة الحديث ومدرسة الفقه اللتين ازدهرتا هنا ردحا من الزمن.
وفي باحة المسجد تكثر الحجارة المنقوشة بعبارات من قبيل: "رحم الله فلان بن فلان" رغم اتضاح عدم وجود قبور هناك، وقد خمنت أنـها وضعت هنا لاستجلاب دعاء المصلين للموتى، وهو ما أكده الإمام في وقت لاحق.