أتاح تأخر انطلاق السيارة فرصة لي لمحادثة بعض سكان وادان الموجودين في أطار؛ خصوصا السيدين الإمام بن أحمد شريف (من شرفاء وادان) ومراقب الثانوية هناك أحمد محمود بن الحاج، وهو شاب متعلم وذكي، ولم تقتصر اتصالاتي على الوادانيين؛ بل علمت بأن من أهم ثقات أطار السيد محفوظ بن الجيد العلوي، وهو في الأصل من أهل شنقيط وعاش عقدين من حياته في تگانت ثم عاد إلى آدرار، وقد لقيته بعدما تقدم به العمر –رغم شباب عقله- في حلقة من مشايخ مدينته.
في أطار الكل مثابر ومنتج، ومن حسن الحظ هناك عدم شيوع ظاهرة الاستقالة من الحياة التي تتفشى في المسنين بمناطق أخرى، وواضح أن المدينة تعيش ازدهارا اقتصاديا؛ كما أن الطرق معبدة في الغالب.
على تمام الثانية ظهرا انطلقت في مقدم سيارة يملكها عالي ولد خورُ –وهو من سكان وادان- كان الحر شديدا ومجال الرؤية ضيقا، وبعد أكثر من عشرة كيلو مترات لاحت سلسلة ظهر آدرار المشهورة في منظر شبيه بالعارض الممطر المصحوب بالعواصف. وبعدما يزيد على 20 كيلو مترا من أطار وجدت نفسي أصعدها دون استشارة ولا اختيار؛ فالمناطق الشرقية من ولاية آدرار تقع في مستوى قمم السلسلة، ولا يمكن الوصول إلى تلك المناطق دون صعود هذه القمم، إلا لمن ذهب إلى الزويرات ثم عاد من هناك.