كانت الساعة 5.30 مساء عند ما توقفنا في أطار، ورغم أني كنت متعبا فقد كان يصدق علي قول غيلان:
تمام الحج أن تقف المطايا على خرقاء واضعة اللثام
فما كنت لأشعر بالراحة –أو أطلبها- ما لم أصل إلى هدفي الذي من أجله خرجت من بيتي؛ لذا فقد بادرت إلى حيث يمكن العثور على سيارة متجهة إلى وادان، ولكن علمت أن الانطلاق إلى هناك يتم عادة في الزوال، مراعاة لخصوصية الطريق.
بعدما أيقنت أنني لن أغادر أطار قبل المبيت به بدأت أفكر في الأمر الواقع، ولم يطل تفكيري؛ فقد تذكرت السيد محمد مختار بن مبارك بن يمين، مراسل وكالة الأنباء بولاية آدرار، وخمنت أنه لن يسكن بعيدا عن وسط المدينة؛ وشاء الله أن يقودني إلى منزله أول إنسان أسأله عنه، حيث كان برا حفيا كريم الضيافة طلق المحيا.
كان منزل السيد مبارك يقع في الطرف الغربي من المدينة، في حي "قرن القصبة" مطلا على بطحاء أطار. و"قرن القصبة" حي قديم يمتاز بأزقته الضيقة المتعرجة ومنازله الطينية العتيقة. وبعد قليل حانت صلاة المغرب فذهبت وإياه إلى المسجد؛ حيث نبهني إلى أن المسجد والسوق نقطتان تمحور حولهما تخطيط أطار القديم؛ فكل الطرق تؤدي إلى المسجد فإذا يمم المرء شطر السوق من المسجد فكل الطرق أيضا تؤدي إلى السوق، وهو أمر جربته فوجدته صحيحا.