على بعد 45 كيلو مترا من أگجوجت لاح شبح جديد، إنه "تماگوط".. هضبة –أو جُبَيْلٌ- غرب الطريق، يمثل أول مؤشر واضح على التوغل في الشمال، ولست أدري لماذا شعرت بالضيق منه كما لو كان يجثم على صدري، وإن كنت أدري أنه لم يكن يتيما، وأنني كنت أجد ما سبق أخف مما تلاه طيلة الطريق.
بعد سير تواصل أكثر من ثلاث ساعات توقفنا على تمام الثانية ظهرا للراحة والصلاة والغداء في أگجوجت؛ مدينة تنازعتها الترارزة وآدرار، أو تنازعها انواكشوط وأطار، فبدت ملامح الأول واضحة في التخطيط والمعمار، وبدت ملامح الثاني واضحة في تضاريس الأرض وسحنات الوجوه، واستطاعا معا تكوين السلوك والأساليب الحياتية والخطاب.. وما إلى ذلك. ولا شك أن حالها في موسم رياح الجنوب ينشد:
أيا جبلي نعمان بالله خليا سبيل الصبا يخلصْ إلي نسيمها
كان نزولنا في مطعم شعبي رديء الخدمات، غالي الأسعار هزيل الوجبات، وقد أضحكني أن أحد العاملين فيه لازمنا طيلة وجودنا باهتمام واضح، وقدم كل طلباتنا (المعوضة) ولكنه حين طلبت منه ماء للوضوء اعتذر بأنه مشغول رغم عدم ظهور شاغل لديه.