* الأربعاء 25 /11/ 1420هـ (01 /3/ 2000م)

بعيد طلوع الشمس كنت قد وصلت إلى محطة النقل البري في لكصر (انواكشوط) وحجزت مقعدا في مقدم السيارة الأولى في الطابور (بيجو 504) ويبدو أن حركة المسافرين لم تكن على ما يرام؛ لذا فقد طال انتظار اكتمال الركاب رغم قلتهم (9 أشخاص) نحن في آخر أربعاء من ذي القعدة، والأربعاء الأخير من أي شهر "يوم نحس" لدى الذين يرجمون بالغيب، ويرون الدهر يكتسب تأثيره من تلقاء نفسه؛ ولربما كان هذا من دواعي ضعف الإقبال على السفر في هذا اليوم.

في الساعة 10 و45 دقيقة انطلقت بنا السيارة، بعدما ارتفعت درجات الحرارة وضاق مجال الرؤية جراء الضباب والغبار، كنا خمسة رجال وأربع نساء، وكنت في المقعد الأمامي، وإلى يساري أحد الرجال، أما بقيتهم ففي المؤخرة؛ فيما تتوسط النساء السيارة.

بدأت السيارة تنهب الأرض نـهبا على مَوْرٍ معبد تعبيدا حديثا محكما، وحين تجاوزنا أم التونسي (80 كلم تقريبا) لم يكن مستيقظا من الركاب إلا أنا والسائق. لم أجد رغبة في النوم؛ فلست ممن يسهل عليه النوم في السيارة والطائرة؛ صحيح أنني مدمن على نوم القائلة، لكن هذا هناك؛ أما هنا فلي شأن آخر. كان همي مراقبة السائق كيلا يصاب بعدوى النعاس فيحدث ما لا يحمد، وكنت أُسَرِّحُ بصري فيما يسمح به الضباب من أرض لم ترها عيني حتى الآن. 255 كيلو مترا تفصل بين انواكشوط وأگجوجت، وكانت تتناقص باطِّراد بفعل سيارة جيدة السير صعبة التسيير إذا توقفت؛ فقد سددت وزميلي ضريبة الجلوس في المقدمة بدفعها كلما توقفت لدى حاجز أمني (ولمن لم يذهب إلى هناك فأربعة مراكز –وأشك في الخامس- تمتد حتى 77 كيلو مترا شمال العاصمة، ما بين شرطة.. وجمارك.. ودرك مركزي ودرك إقليمي..(1).

 

______________________

1. هكذا كان الأمر سنتي 2000 و2003 على الأقل.